الصورمقالات

حملة تحرير سد الشهداء/ سد تشرين

حملة تحرير سد الشهداء/ سد تشرين

 بعد تحرير مدينة كوباني و أريافها، بالإضافة إلى عدد من البلدات منها الشيوخ ، عين عيسى و صرين، من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، حينها أعلنت قوات سوريا الديمقراطية عن البدء بحملة تحرير سد تشرين، ذلك في 23 ديسمبر/ كانون الأول عام 2015. في ذلك الوقت كانت قوات سوريا الديمقراطية لا تزال حديثة العهد في تشكيلها، الذي كان في 11 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2015، أثناء عقد كونفرانس. فقد ضمت تحت لوائها التشكيلات و القوات العسكرية منها: “وحدات حماية الشعب (YPG) ، وحدات حماية المرأة (YPJ) ، كتائب شمس الشمال ، لواء السلاجقة ، المجلس العسكري السرياني ، قوات الصناديد ، جبهة ثوار الرقة، جيش الثوار، جبهة الأكراد، كتاب ثوار منبج ، ثوار إدلب، لواء الشمال الديمقراطي و جند الحرمين “. وفيما بعد انضمت المجالس العسكرية التي تشكلت في كافة المدن التي تم تحريرها من داعش مثل “منبج، الرقة، الطبقة، كري سبي ، دير الزور ، الهول الشدادي، وفي المناطق مثل: سري كانية ، الحسكة، ، الجزيرة. حيث تمكنت من تحريره بالكامل في غضون أسبوع واحد، بالإضافة إلى عشرات القرى على أطرافه. ولكن دون يلحق بالسد أية أضرار، خلال عمليات تمشيط الأراضي و القرى و التلال التي تحيط به أثناء التحرير.

لقد كان سد تشرين يشكل موقعاً استراتيجياً هاماَ بالنسبة لنا و للعدو في نفس الوقت. هذا لأنه من الناحية الجغرافية يحتوي على العديد من التلال و الوديان والأشجار. كما إنه يقع على الطريق الدولي M4 بين سوريا و العراق، في نفس الوقت يشكل الطريق الواصل بين إقليم الجزيرة و إقليم الفرات، بالإضافة إلى إنه يؤدي إلى مفترق الطرق مثل كوباني ، جرابلس ، الرقة و الطبقة و العديد من البلدات المحيطة بها، بحيث يسهل التنقل و الوصول من خلاله إلى هذه المناطق. ولهذا السبب فقد كان تنظيم داعش يستفيد من هذا الموقع كثيراً لنقل عناصره و معداته و مواده اللوجستية في منطقة الفرات التي كانت تحت سيطرته.

فبعد أن تتالت انتصارات وحدات حماية الشعب (YPG)، وحدات حماية المرأة (YPJ)  في المدن والبلدات، خاصة في المقاومة التاريخية المتمثلة في تحرير كوباني، حينها كما يقال” انقلب السحر على الساحر” عندما خاب أمل دولة الاحتلال التركي في أن يحقق داعش أي نجاح في الهجوم علينا، في تلك المرحلة التي كانت تركيا تستعد لمد نفوذها على حساب المدن و البلدات الكرية. ليس هذا فقط بل جميع الدول المتحالفة مع تركيا كانت تترقب هذا الوضع وتتوقع نتيجة عكسية. وهنا ازداد الحماس والنشاط في نفوس جميع المقاتلين و القيادات بتلك الانتصارات التي تم تحقيقها، كما أصبحوا أكثر اطلاعاً من ذي قبل على طراز حركة تنظيم داعش و خططه، بالإضافة إلى الخبرة القتالية العالية التي اكتسبها الجميع . لذا فإن الوصول إلى سد تشرين كان يشكل أهمية كبيرة لتوحيد شرق الفرات و غربه و تلبية نداء شعبنا في مدينة منبج، الذي كان يعاني من ظلم داعش و انتهاكاته الصارخة بحق أبناء المنطقة. فعندما تم تقيسم المحاور إلى ثلاثة مجموعات أساسية، من ضمنها كانت قوات كوباني و الجزيرة التي شاركت بفعالية كبيرة في هذه الحملات و بدعم من التحالف لم يتمكن عناصر داعش من الصمود طويلاً في حملة تحرير سد تشرين . فبعد معارك لم تدم طويلا انسحبت فلول داعش المنهزمة من السد باتجاه منبج و الرقة بعد أن قاموا بتفجير قسم منهُ، ليقطع الطريق على قواتنا و يمنعهُ من العبور لتحرير باقي المدن. لا سيما وإنهُ بدأ يعلم علم اليقين بأن قوات سوريا الديمقراطية لن تتوقف إلى أن تتمكن من تحرير كافة مناطق الفرات. لكن مخططه  هذا باء بالفشل عندما وضعت قواتنا خطة واسعة النطاق بالتنسيق مع التحالف حول كيفية عبور النهر إلى الجانب الآخر و استئناف حملة التحرير، لهذا فقد استخدمت قواتنا السفن لاجتياز النهر والالتفاف على العدو و محاصرته.

كانت القوات مهيأة و متأهبة للقيام بهذه الحملة، على الرغم من عدم توقفها لحظة واحدة إبان حملة تحرير كوباني و فتح الممر بينها و بين إقليم الجزيرة. لا سيما وإن الرفاق قد استنزف الكثير من طاقتهم قرابة سنة من المعارك المستمرة، دون أن يجدوا فرصة لنيل قسط من الراحة بأي شكلٍ من الأشكال. إلا إن تحرير جميع مناطق شمال شرق سوريا كان هو الهدف الذي يجعل جميع الرفاق ذو همة و نشاط أكبر. كما إن قوة داعش كان قد بدأ الانهيار و التراجع تدريجياً من كافة النواحي، بعد أن فشل في السيطرة على مدينة كوباني و يفقد سيطرته على المناطق الأخرى في كل حملة. ولهذا ما إن بدأت وحدات حماية الشعب و المرأة و كافة تشكيلات قوات سوريا الديمقراطية بحملة عبر ثلاثة محاور أساسية. حيث جاءت هذه الخطة بعد حملة تحرير”الهول، والشدادي”، حينها بادرت (قسد) و(وحدات حماية الشعب والمرأة) بإطلاق حملة تحرير “سد الشهداء/ سد تشرين”, حيث انطلقت تلك القوات من جهة “صرين”، وخلال /3/ أيام فقط استطاعت قواتنا أن تقطع مسافة /40/ كيلو متراً وأن تصل إلى “سد تشرين”. هذه الحملة أيضاً كانت سريعة وخاطفة ضدّ تنظيم “داعش” وتم فيها تحرير السدّ خلال تلك الفترة، في 30 من شهر كانون الأول عام 2015، حينها كانت قواتنا أكثر تصميماً و قراراً و عزماً لا يلين، من أجل القيام بحملة كبيرة لتحرير أهلهم في مدينة منبج التي كان قد سماها داعش بـ (عاصمة المهاجرين). حينها تجمعت القوات في سد تشرين للبدء بتحضيرات جديدة استعداداً لحملة كبيرة من أجل تحرير منبج. في ذلك الوقت لم تكن الأوضاع السياسية مهيأة للبدء بتحرير منبج و جرابلس و الباب، لهذا تم إيقاف الحملات لمدة ستة أشهر، بعد تحرير سد تشرين.

شارك في هذه الحملة العديد من الرفاق الذي استشهدوا فيما بعد ضمن حملات التحرير،  حيث انضموا بفعالية و روح فدائية عالية، قيادة و مقاتلين. فمنهم كانت الشهيدة البطلة بنكي موش ،الشهيدة كوجرين ، الشهيد هيوى سنه ، الشهيد فيصل أبو ليلى. الشهيد شيار كرده ، الرفيق الشهيد جمشيد و العديد من الرفاق الآخرين الذين سطروا أروع ملاحم البطولة في تاريخ الثورة ضمن معارك التحرير.

كولي هوشنك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى