كل لوحة تعبر عن بحث جديد

زيلان نوجان، مقاتلة في صفوف وحدات حماية المرأة تهوى الرسم ومن خلال هوايتها تعبر عما تنقشه في فكرها وقلبها.
ضمن صفوف وحدات حماية المرأة الى جانب السلاح كل مقاتلة تملك موهبة أخرى. المقاتلة زيلان من إحدى المقاتلات التي تملك موهبة فن الرسم. تحاول رسم كل شيء يلفت انتباهها، فالرسم يجعلها تذهب لعالمٍ آخر، عالمٍ فيه السلام والحرية، عالم تحارب فيه بفكرها وسلاحها لتنهيه من تلك القوقعة والدمار الذي لحق بها و تجعله واقعاً تعيشه البشرية بعدل وأمان.
تحدثت لنا مقاتلة YPJ زيلان نوجيان عن كيفية ممارستها لهوايتها هذه إلى جانب الحرب والنضال. فأشارت لنا زيلان في لقاء أجريناه معها حول موهبتها قائلة: “أنا امرأة ثورية والتفكير بأننا نساء مسلحات وحسب، إنما يبقى كتعريف ناقص لوجودنا كوحدات الحماية. لأن حربنا في الأساس هي حرب أيديولوجية وذهنية ونضال عودة المرأة لجوهرها الحقيقي واسترجاعها لإرادتها الحرة ودورها الريادي في المجتمع. إلى جانب ذلك المجتمع بأكمله وبالأخص المرأة بحاجة لتطور نفسها وتكثف من نضالها وموهبتها كل يوم. كل إنسان يعبر عن رأيه بشكل مختلف، وارتباط المراة بالطبيعة يجعلها تعبر عن خواطرها بطرق ابداعية مختلفة، وأنا منذُ طفولتي كنت أحب وأهوى فن الرسم. حيثُ كنت اقضي أغلب أوقاتي بين أحضان الطبيعة. فكنت أنظرُ اليها بتمعنٍ وإتقان، وهذا ما جعلني أحبُ رسم كل شيء موجودٌ في هذه الطبيعة الخلابة كما كنت أحب اللعب بالماء وأحبُ النقش عليها عن طريق عصا صغيرة”.
المقاتلة زيلان التي انضمت عام 2011 إلى صفوف وحدات حماية المرأة إلى جانب دفاعها عن وطنها وترابها لم تترك موهبتها في الرسم. بل ثابرت أكثر على رسم صورٍ وأشكال أكثر ابداعا مع تعرفها على نضال المرأة في سبيل الحرية ونوهت إلى ما يلي: “مع بداية انضمامي إلى صفوف YPJ تعلقت بهذه الحياة كثيراً، خاصة حين تعرفتُ على حقيقة القائد أوجلان الذي أعاد للمرأة قوتها الفكرية والإرادية. لذا كانت لديّ رغبةٌ كبيرة في رسم صورةٍ للقائد عبدالله أوجلان، قائد الحرية والسلام. فعندما رأى رفاقي رغبتي الشديدة في رسم صورة للقائد أوجلان شجعوني على ذلك. وعندما رسمتها أول مرة شعرتُ بالسعادة العارمة لأنني استطعتُ رسمَ تلك الصورة. خاصةً أن الحب لوحده لا يكفي في الرسمِ وفي كل شيء يقوم به الإنسان، فإن كان لديك عشقٌ واصرار ستكون نتيجة كل شيءٍ تسعى إليه مختلفة ورائعة دائماً”.
زيلان التي عبرت لنا عن المشاعر التي تحس بها أثناء بدئها برسم لوحةٍ ما، لفتت النظر إلى كيفية تغيير وجهة نظرها في الرسم بعد أن أصبحت مقاتلة تدافع عن حق جميع النساء وركزت على أن: “الرسم يحتاجُ الى خيالٍ وتأمل بلا حدود، فلا يستطيع المرء من دونهما رسم أيّ شيء، وفي نفسِ الوقت يتطلب الاحساس والتمعن، فكل شيء يتحرك امام ناظريك يساعدك في الرسم، وللطبيعة دورٌ كبير في ذلك. فجمال الطبيعة من خضرة اشجارها، وزقزقة عصافيرها، وتلك الفراشات التي تتنقل من زهرةٍ الى أخرى، يعطونك الحماس والرغبة بالرسم أو التعبير عن ذلك عبر مواهب وهوايات أخرى. مثلاً أنا في مثل هذه اللحظات كنت أركض نحو الدفتر والقلم وأقومُ برسمِ ما رأيته هناك وإن لم يكن بقربي دفتري كنت أنقش تلك الصورة على الرماد أو الحائط أو حتى بركة ماء. أما في أيام الدراسة كنت قد دخلت في سباق الرسمِ وكنت ارى فيه الوسيلة التي ستساعدني في التقدم وتطوير هذه الموهبة لديّ أكثر، وعندما دخلتُ المرحلتين الأولى والثانية وتفوقتُ فيهما، وذهبنا الى المدن الأخرى، لكي نتحداهم في المرحلة الثالثة حيثُ كان الأطفال يتجمعون حولنا ويبدأ التحدي. حينها كانوا يطلبون منا موضوعاً لكي نقوم برسمه، طبعاً وأنا بدوري أعطيتُ كل طاقتي لكي تكون لوحتي مختلفة عن اللوحات الأخرى. من أكثر الناس الذين شجعوني على اتقان الرسم وممارستي لموهبتي، هو أبي الذي كان يحب الرسم ويتابع رسوماتي دائماً. أتذكر حينها كانت رسماتي يغلب عليها الطابع الطفولي وكنت أرسم شجرة أو بيتاً أو حتى غيمة أو عصفور وزهر إلا أنني ومع انضمامي إلى صفوف وحدات حماية المرأة وتعرفي على حقيقة النضال والمرأة بدأت ريشة قلمي تتغير رويداً رويداً لتنقش في هذه المرة صورة لمرأة تبحث عن حريتها أو تناضل وتحارب في سبيل حرية جميع النساء لتصل إلى هدفها في الأفق البعيدة. كما أنني أرسم رفاقي الذين ابتعدوا عني، ووصلوا إلى أعلى المراتب وأصبحوا نجوماً في السماء. بهذا الشكل أحاولُ التعبير عن ما أعيشه وأراه وأتأثر به عبر لوحاتي هذه”.