تعلقهم بالأرض جعل منهم فدائيين للوطن

بعد انضمامي الى الثورة انضممت الى الحرب التي كانت في عفرين واستطعنا ممارسة دورنا هناك حيث كنا في ناحية جندريس، كانت مقاومة العصر لانهم ورغم اشتداد كل الجبهات ولم يبقى هناك شيء اسمه الجبهة الامامية والخلفية فعفرين كلها أصبحت تلفها النيران نتيجة ضربات الطائرات والأسلحة الثقيلة. كانت الدولة التركية المحتلة ومرتزقتها الارهابين الذين تقول عنهم بانهم أصحاب الأرض فقط من اجل أن يحتلوها ولكي يستطيعوا نهب وتخريب بيوت الناس واخراجهم تحت وطاءة بانهم ارهابين، استطعنا المقاومة والمحاربة بوجه الأعداء المحتلين الذين يعيشون على دماء الناس الأبرياء. ما زلت أتذكر كيف كانت دماء سكان عفرين تسيل على الأرض وصرخاتهم التي يطلقونها والشعارات التي كانوا يرددونها برفضهم للدخول المرتزقة الى ارضهم الطاهرة، لكيلا يدنسوها مثلما فعلوا بالكثير من المدن السورية التي واطئتهم اقدامهم، كنا نحارب والى جانبنا سكان عفرين، ففي كل بيت كانت النساء والرجال يحملون الأسلحة ليدافعوا عن بيوتهم كان الشعب يحمل الجثث يومياً، كانوا يقومون بدفن الشهداء يوماً بعد يوم ولم تكن دموع أمهات عفرين تجف وكيف تجف والسماء ترعد كل يوم.
كانت الرفيقة آفيستا خابور في تلك الناحية التي كنت موجودة فيها والتي قامت بعمليتها الفدائية هناك تأثرنا كثيراً بشهادتها. كانت مثلاً يحتذى بها، وبعمليتها الفدائية اثبتت بان المرأة الكردية أينما كانت واينما ستكون فأنها لن تتهاون أو تتردد بالفداء بالنفس في سبيل تحقيق حرية شعبها أو رد العدوان لها وأن خصال المرأة الكردية لن تنتهي وحتى لو انها استشهدت فانه سيكون هناك الالاف من سيسيرون على مسيرتها المباركة، كانت لعمليتها الفدائية رداً واضحاً وقطعياً للعدو المحتل باننا كوحدات حماية المرأة لن نقبل باحتلال عفرين ولو استلزم منا القيام بالعمليات الفدائية ورفعت اسم عفرين عالياً.
تألمت كثيراً عندما سمعت بنبئ شهادتها، لأننا كنا في نفس الفريق وعلى نفس السلاح كنت كل ثانية أتذكر كل لحظة كنا فيها معاً كانت لحظات لا تفارقني كنت اشتد غضباَ لما حلى بنا وبشعبنا، كان المحتلين يتجولون على ارض عفرين ويدنسون كل مكان تطئوها ارجلهم ودباباتهم التي كانت تدور في قرى عفرين وطائرات التي تحلق في السماء. ارض الزيتون هي ارضنا وعلى المحتلين أن لا يفكروا بأنهم سيأخذون راحتهم في عفرين لأنه حامي الأرض لن يسمحوا لهم بذلك ومهما طال الزمن فأنها ستكون لأهلها وسنقوم بالقيام بالمستحيلات لاسترجاعها منهم ولن ندعهم يتنفسون في ارضنا المباركة.
كان الشهيد إيلان ايضاً هناك في جندريس اتى الينا وودعنا ثم ذهب لم نكن نعرف الى اين ذهب ثم سمعنا بالعملية الفدائية التي قام بها ايضاً في ناحية جندريس. كلما انظر الى صورته اذكر تلك اللحظات التي اتى فيها الينا وأقول لنفسي بعد قليل سياتي الينا وكأنني في حلم ما زلت انتظر لحظة مجيئه إلينا!
كنت ارغب بشد بالبقاء في عفرين والقيام بالعمليات العسكرية ضد المحتلين لأستطيع الانتقام لرفاقنا الشهداء الذين قاوموا وتحملوا كل شيء وعانوا ولكنهم بقوا يقاومون وينادون بالمقاومة ضد الفاشية المحتلين مغتصبي الأرض، بعد أن خرجنا من عفرين اتينا الى المناطق الأخرى وشاركنا في حملة غضب الجزيرة لكي نكتسب التجارب التي ستمكننا من اجل استعادة ارضنا المغتصبة، خلال تلك الحملة استطعنا من تحرير ارض دير الزور من مرتزقة داعش المدعومة من الدولة التركية.
فقدنا الكثير من رفاقنا الذين بقي حلم تحرير عفرين في عينيهم كلحظة عالقة في الذاكرة. كلمات الرفيقة روجيندا لا تفارقني، عندما أقسمنا على الرجوع الى عفرين وتحريرها كنا نخطط ونفكر معاً عن كيفية اخراج المحتلين من ارض الزيتون. جشع الدولة التركي لم يكفيه احتلال عفرين وقام بالهجوم على سري كانية، عندما سمعنا بهجمات المحتلين على سري كانية توجهنا الى هناك لحماية شعبنا وارضنا، قام المحتل التركي ومرتزقة التابعين لها وخلال تصدينا لهجماتهم فقدنا الرفيقة روجيندا وايضاً الكثير من رفاقنا الذين قاوموا حتى الرمق الأخير لكيلا تطال ايدي المحتل سري كانية.
ما زلت اسمع صوت ضحكة الرفيقة فيان صورن التي يتردد صداها في آذني، كانت تحلم بروية استعادة ارض عفرين، لم اصدق نبأ استشهادها لأنها كانت تقول بأنني يجب أن أبقى حيا لكي أرى المرتزقة وهم يطردون من ارضنا لكي يعرفوا باننا أصحاب الحق والقضية وستعود الحياة الى ارض الزيتون وسنزرع الزيتون في كل مكان وستقص الأمهات حكايات المقاومة التي تمت على ارض روجآفا الصامدة والمقاومة ويكتب الكتاب حكايات عن مقاومة أبناء الأرض وعن اللحظات التاريخية الملاحم التي كانت تسطر عن مقاومة الكرامة ومقاومة العصر التاريخية التي كانت وكأنها كانت لسنوات وليست لأشهر ووقف العالم اجمع يترقب بصمت إراقة دماء الأبرياء، ولكننا رغم كل شيء اصرينا على المقاومة والتضحية في مسيرة الحرية التي وهبنا كل شيء مقدس في سبيله، سننتصر، فنحن أصحاب فكر وفلسفة القائد أبو الخالدة وسنحقق أحلام كل الشهداء الذين يترقون لحظة تحرير كل المناطق المحتلة من المحتلين.
بيريفان كوباني