بيانات

البيان الختامي لمنتدى المرأة والحماية الثاني لشرق الأوسط

في مستهل بياننا الختامي هذا، ولِتبقَ رسالة ونبراساً مضيئاً لعالم أكثر عدلاً و حريةً و مليئاً بالسلام و الأمان، فإننا نستذكر فراشات الحرية الاخوات ميرابل ورفيقاتنا الشهيدات، اللواتي ارتقين في معركة الحرية منهن الشهيدة نالين موش، هيلين كارى، شفين كرزان، جيان تولهلدان، روجنا عكيد، ليلى آكري وآرين ميركان، نزجي التحية لأرواحهنّ النبيلة، نستذكرهن رموزا شامخة للتضحية والعزيمة التي لا تلين، تلك البطلات اللواتي قدمن أرواحهن قرباناً في محراب الإنسانية، ليسوا مجرد ذكرى عابرة في ذاكرة شعبنا ووطننا، بل إن ذكراهم ميراث نستهدي به دفاعاً عن كرامتنا وحريتنا كنساء.

في هذا المنتدى، نجدد عهد الوفاء للقائد عبدالله أوجلان رمزٌ للفكر الحر ومنارةٌ للكونفدرالية الديمقراطية، الذي جسّد بفلسفته الرفقة الصادقة مع المرأة ودعم نضالها من أجل الحرية. ونؤكد التزامنا بالمشاركة في حملة الحرية الجسدية للقائد أوجلان، إيماناً بأن حريته هي حرية المرأة ومفتاح السلام والكرامة للشعوب.

 

ينعقد منتدانا هذا، منتدى المرأة والحماية الثاني الموافق لتاريخ (25 تشرين الثاني 2024) تحت شعار المرأة المنظمة هي المرأة القوية، والمرأة القوية هي أساس الحماية الذاتية تزامناً مع الوقت العصيب والظروف الدولية والإقليمية البالغة الحساسية ومنعطفٍ خطير، في ظل التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، هذه المنطقة التي أصبحت بحكم موقعها وتنوعها مسرحا لتجاذب الأمم وميداناً لصراعات الحرب العالمية الثالثة، وآثاراه المدمرة، حيث يستضيف المنتدى نخبة من القيادات النسائية وممثلات المنظمات النسوية من مختلف الأصقاع، للتباحث في واقع المرأة وأدوارها وما تتكبده جراء أهوال الصراعات التي تعصف بهذه المنطقة، ذلك أنّ هذه الحرب العالمية الثالثة تحولت إلى صراع دولي طاحن متجاوزاً الأطر الحربية الضيقة وبات يُخَلّف آثاراً كارثية وينذر بعواقب وخيمة غير مسبوقة.

 

إن رحى هذه الحرب الدائرة خلفت تداعيات كارثية على المرأة في الشرق الأوسط، ومعها أصبحت المرأة ضحية أبشع مظاهر العنف، بل أصبحت هدفاً ممنهجاً لهذه الحرب الشرسة، حتى وصل الأمر لمستوى الإبادة الشاملة بحقها، لقد تجلت هذه الإبادة بأبشع صورها ضد وحدات المرأة الحرة (YJA-STAR) في جبال كردستان والتي تتحمل مواجهة أشرس الهجمات بما في ذلك الأسلحة الكيميائية المحرمة دولياً، أما في شمال و شرق سوريا فإن المرأة تتعرض وبشكل ممنهج لإبادة شاملة تنفذها الدولة الفاشية التركية التي لا تكتفي بتنفيذ الهجمات العسكرية الأكثر توحشاً، بل إنها تسعى إلى تدمير الروح الثقافية والمجتمعية للمرأة السورية، لكي تصل إلى مبتغاها لتفكيك مقاومة الشعوب بأسرها. وفي فلسطين واللبنان تتحمل النساء عبء الحرب الكارثية الدائرة هناك، كما أنها تعاني من الاحتلال والاضطهاد وتدفع ثمناً باهظاً. أما في السجون الإيرانية والتركية، فإنّ المشهد أكثر مأساوية، وأكثر سواداً، فالنساء وبكل دم بارد معلقات على المشانق وأحكام السجن المؤبد، لمجرد أنهنّ تجرأن على رفع صوتهنّ مطالبات بالحرية تحت شعار (المرأة- الحياة – الحرية).

 

إن المرأة ما كانت ولم تكن يوماً مجرد ضحية عشوائية من ضحايا الحروب والنزاعات، بل كانت هدف من أهدافها، وفي كينونتها يتم ترويع الشعوب وترويضها، وبكسر إرادتها تكسر إرادة الشعوب وبهدر كرامتها تهدر كرامة الشعوب، لأنها نواة المجتمع القوي المتماسك، وبتفكيك بنيتها وروحها يتفكك المجتمع ويفقد قوته وإرادته، وعليه فإنه من الواضح بما لا يدع مجالاً للشك، إنّ استهداف المرأة في هذه الحروب، لا يمكن توصيفه لجهة الضرر اللاحق بالمرأة بصفتها جزءٌ من المجتمع، بل يتم استهدافها لأنها محور ارتكاز المجتمع ولبنة البناء الأولى، إنها كينونة الحياة التي تستهدفها قوى الاحتراب بشكل مباشر.

 

رغم كل هذه المشاهد المأساوية لن يخلق لدينا احباطاً او قنوطاً، إن المرأة رغم كل ما سبق، طاقة لا تنضب، كالفينيق تنهض من ركامها ورمادها، جبارة لا تكسرها عوادي الزمن، لا تقبل ولا تتقبل أن تكون هي الضحية على مائدة الاستبداد المتوحش، إنها الثورة المتجددة كتجدد الفصول، لا تكسر همتها وإرادتها الكوارث، ولا تعريف للاستسلام في قاموس حياتها.

لقد أصبحت وحدات المرأة الحرة (YJA-STAR) وقوات حماية المرأة في شرق كردستانHPJ  ووحدات المرأة في شنكالYJŞ  ووحدات حماية المرأة (YPJ) بكل هوياتها وقوات بيث نهرين السريانية وقوات حرس الخابور الآشورية وقوات الحماية الجوهرية للمرأة HPC JIN في شمال وشرق سوريا هي المرآة العاكسة لحقيقة وجوهر المرأة وهي من أعظم التجارب التي يمكن للنساء من جميع أنحاء العالم أن تعول عليها وتحتذي بها. ذلك أن هذه المؤسسات العسكرية الخاصة بالمرأة تمثل النموذج الأنصع والاستثنائي لمقاومة المرأة وتمثل جوهر إرادتها في حماية كينونتها، حيث لعبت هذه المؤسسات دورا ريادياً في بناء منظومة دفاعية قائمة على أسس الكونفيدرالية والكومينالية والتي تتحدى السلطوية المركزية وتفتح الآفاق رحبةً نحو الديمقراطية المجتمعية.

 

هذه القوات المذكورة أعلاه أثبتت قدرتها على تحويل الألم والمعاناة إلى قوة للحل ومنعطف إلى التغيير، وتحويل المأساة إلى فرصة للنهوض، فالمرأة مع هذه القوات أصبحت محور ارتكاز لبناء عالم جديد قائم على الحرية والعدل والمساواة، وفي هذا السياق، باتت المرأة رمزا لمشروع إنساني يتجاوز قيود السلطة التقليدية ويؤسس لعلاقات مجتمعية تستمد قوتها من التضامن والتنظيم المشترك.

 

في ظل هذه التحديات المصيرية، جاء منتدى المرأة والحماية ليؤكد على أن بناء منظومة دفاعية للمرأة في إطار كونفدرالية المرأة في الشرق الأوسط ليس مجرد خيار بل هو ضرورة إنسانية وأخلاقية ملحة، والتي من شأنها أن تكون الدرع الحامي والحامل لأحلام العدالة الاجتماعية، كما أن اتحادنا ونضالنا المشترك لا يمثل فقط رفضاً للواقع المظلم الذي تفرضه علينا قوى الاستبداد، بل هو بذات الوقت نقطة الانطلاق نحو بناء مستقبل جديد أكثر سلاما وأكثر إنسانية ضمن ثقافة الأمة الديمقراطية، تتبوأ فيه المرأة صدارة وريادة مسيرة الحرية والكرامة.

 

 

على ما تقدم، فإن الأهداف الرئيسية لهذا المنتدى كان النقاش على العديد من المحاور، منها:

 

1- آثار الحرب العالمية الثالثة والصراعات المتصاعدة على النساء في الشرق الأوسط وسبل مواجهتها.

2- تسليط الضوء على التحديات التي تواجه المرأة في مجالات الحماية والدفاع.

3- مناقشة السياسات والإجراءات اللازمة لضمان حماية المرأة.

4- تسليط الضوء على أهمية حماية النساء وتعزيز ثقافة الدفاع الذاتي النسوي كأداة لتمكينها.

5- وضع استراتيجيات عملية لبناء آليات دفاعية محلية وإقليمية تحمي النساء وتضمن مشاركتهن القيادية الفاعلة في بناء المجتمع الديمقراطي والايكولوجي وتضمن الحرية للمرأة.

6- تعزيز التعاون مع الحركات والمنظمات النسوية لتوفير بيئة آمنة ومستدامة للنساء في الشرق الأوسط.

 

التوصيات الاستراتيجية:

 

  • تنظيم مجلس الأمن والحماية للمرأة في شمال وشرق سوريا.
  • تنظيم مجلس الأمن والحماية للمرأة في الشرق الأوسط.
  • تعزيز السياسات الوطنية والإقليمية المتكاملة لحماية المرأة.
  • تطوير برامج تعليمية تُعنى بتمكين المرأة من المهارات والمعرفة اللازمة للدفاع عن كينونتها وتمكين بناء قدرات النساء في مجالات السياسة والدبلوماسية في الحماية والدفاع.
  • تبادل التجارب الفكرية والعملية للدفاع الذاتي النسوي بهدف مواجهة الإبادات والاغتصاب الممنهج بحق النساء.
  • بناء شبكات دعم نسوية تعمل على مستوى محلي وإقليمي بهدف تشجيع النساء على الانخراط في مجالات الأمن المجتمعي والدفاع.
  • إطلاق مبادرات تدريبية لدعم النساء في مجالات الدفاع المجتمعي، وتطوير قدراتهن لتولي أدوار قيادية في حماية مجتمعاتهن.
  • التعاون مع المنظمات النسوية الدولية والإقليمية وبناء شراكات استراتيجية لإنشاء آليات مشتركة توفر الدعم والتدريب للنساء في المناطق المتأثرة بالنزاعات.
  • تعزيز التعاون الإقليمي لإنشاء منصات مشتركة تساهم في تبادل الخبرات وتوفير الحلول العملية والفعالة لقضايا الحماية للنساء في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
  • العمل على تطوير إطار عمل إقليمي يتبنى توصيات المنتدى ويساهم في وضع سياسات موحدة لحماية النساء وتعزيز دورهنّ في بناء السلام والحماية المجتمعية.
  • تبني مبادرات مشتركة مع منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات النسوية العالمية، لضمان توجيه الجهود الإقليمية نحو خلق بيئة آمنة وحرة للنساء في الشرق الأوسط.

 

ولتكن هذه التوصيات أجندة لنضالنا المشترك في هذا اليوم، اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة وتذكيراً لنا جميعاً بضرورة التكاتف والوحدة في مواجهة هذه التحديات والإبادات. ولا يجب أن ننجر وراء العهود والالتزامات المزيفة التي توج بها النظام الذكوري نفسه، لذا سنحول كل يوم إلى يوم مناهضة العنف ضد المرأة تحت شعار: “بفلسفة المرأة، الحياة، الحرية سنحمي ذاتنا”.

 

عاش القائد آبو

جن جيان آزادي 

٢٥ تشرين الثاني ٢٠٢٤

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى